فصل: قال النسفي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة الكهف: آية 98].

{قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (98)}.
هذا إشارة إلى السد، أي: هذا السد نعمة من اللّه و{رَحْمَةٌ} على عباده. أو هذا الإقدار والتمكين من تسويته {فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي} يعني فإذا دنا مجيء يوم القيامة وشارف أن يأتى جعل السد {دَكَّاءَ} أي مدكوكا مبسوطا مسوّى بالأرض، وكل ما انبسط من بعد ارتفاع فقد اندك. ومنه: الجمل الأدك: المنبسط السنام. وقرئ: {دكاء}، بالمد: أي أرضا مستوية {وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا} آخر حكاية قول ذى القرنين.

.[سورة الكهف: آية 99].

{وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعًا (99)}.
{وَتَرَكْنا} وجعلنا {بَعْضَهُمْ} بعض الخلق {يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} أي يضطربون ويختلطون إنسهم وجنهم حيارى. ويجوز أن يكون الضمير ليأجوج ومأجوج، وأنهم يموجون حين يخرجون مما وراء السد مزدحمين في البلاد. وروى: يأتون البحر فيشربون ماءه ويأكلون دوابه، ثم يأكلون الشجر، ومن ظفروا به ممن لم يتحصن منهم من الناس، ولا يقدرون أن يأتوا مكة والمدينة وبيت المقدس، ثم يبعث اللّه نغفا في أقفائهم فيدخل في آذانهم فيموتون.

.[سورة الكهف: الآيات 100- 101].

{وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضًا (100) الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا (101) وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ}.
وبرّزناها لهم فرأوها وشاهدوها {عَنْ ذِكْرِي} عن آياتي التي ينظر إليها فأذكر بالتعظيم. أو عن القرآن وتأمل معانيه وتبصرها، ونحوه: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ}. {وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا} يعني وكانوا سمعا عنه، إلا أنه أبلغ، لأنّ الأصم قد يستطيع السمع إذا صيح به، وهؤلاء كأنهم أصميت أسماعهم فلا استطاعة بهم للسمع.

.[سورة الكهف: آية 102].

{أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلًا (102)}.
{عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ} هو الملائكة، يعنى: أنهم لا يكونون لهم أولياء، كما حكى عنهم {سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ}. وقرأ ابن مسعود: أفظن الذين كفروا. وقراءة على رضي اللّه عنه أفحسب الذين كفروا، أي: أفكافيهم ومحسبهم أن يتخذوهم أولياء على الابتداء والخبر. أو على الفعل والفاعل، لأنّ اسم الفاعل إذا اعتمد على الهمزة ساوى الفعل في العمل، كقولك: أقائم الزيدان. والمعنى أنّ ذلك لا يكفيهم ولا ينفعهم عند اللّه كما حسبوا. وهي قراءة محكمة جيدة. النزل: ما يقام للنزيل وهو الضيف، ونحوه: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ}.

.[سورة الكهف: الآيات 103- 106].

{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْنًا (105) ذلِكَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (106)}.
{ضَلَّ سَعْيُهُمْ} ضاع وبطل وهم الرهبان. عن علي رضي اللّه عنه، كقوله: {عامِلَةٌ ناصِبَةٌ} وعن مجاهد: أهل الكتاب.
وعن على رضي اللّه عنه: أنّ ابن الكوّا سأله عنهم؟ فقال: منهم أهل حروراء.
وعن أبى سعيد الخدري: يأتى ناس بأعمال يوم القيامة هي عندهم في العظم كجبال تهامة، فإذا وزنوها لم تزن شيئا {فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْنًا} فنزدري بهم ولا يكون لهم عندنا وزن ومقدار. وقيل: لا يقام لهم ميزان، لأنّ الميزان إنما يوضع لأهل الحسنات والسيئات من الموحدين. وقرئ: {فلا يقيم}، بالياء. فإن قلت: الذين ضل سعيهم في أي محل هو؟ قلت: الأوجه أن يكون في محل الرفع، على: هم الذين ضل سعيهم، لأنه جواب عن السؤال. ويجوز أن يكون نصبا على الذم، أو جرّا على البدل {جَهَنَّمُ} عطف بيان لقوله: {جَزاؤُهُمْ}.

.[سورة الكهف: الآيات 107- 108].

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107) خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا (108)}.
الحول: التحوّل. يقال: حال من مكانه حولا، كقولك: عادني حبها عودا، يعنى: لا مزيد عليها حتى تنازعهم أنفسهم إلى أجمع لأغراضهم وأمانيهم. وهذه غاية الوصف، لأن الإنسان في الدنيا في أي نعيم كان فهو طامح الطرف إلى أرفع منه. ويجوز أن يراد نفى التحوّل وتأكيد الخلود.

.[سورة الكهف: آية 109].

{قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِدادًا لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109)}.
المداد: اسم ما تمد به الدواة من الحبر وما يمد به السراج من السليط. ويقال: السماء مداد الأرض. والمعنى: لو كتبت كلمات علم اللّه وحكمته وكان البحر مدادا لها، والمراد بالبحر الجنس {لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ} الكلمات {وَلَوْ جِئْنا} بمثل البحر مدادا لنفد أيضا.
والكلمات غير نافدة. ومَدَدًا تمييز، كقولك: لي مثله رجلا. والمدد مثل المداد، وهو ما يمدّ به.
وعن ابن عباس رضي اللّه عنه: بمثله مدادا. وقرأ الأعرج: مددا، بكسر الميم جمع مدّة، وهي ما يستمده الكاتب فيكتب به. وقرئ: {ينفد} بالياء. وقيل: قال حيىّ بن أخطب: في كتابكم {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} ثم تقرءون {وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} فنزلت، يعنى: أن ذلك خير كثير، ولكنه قطرة من بحر كلمات اللّه.

.[سورة الكهف: آية 110].

{قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)}.
{فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ} فمن كان يؤمل حسن لقاء ربه، وأن يلقاه لقاء رضا وقبول. وقد فسرنا اللقاء. أو: أفمن كان يخاف سوء لقائه. والمراد بالنهى عن الإشراك بالعبادة: أن لا يرائى بعمله، وأن لا يبتغى به إلا وجه ربه خالصا لا يخلط به غيره. وقيل: نزلت في جندب بن زهير، قال للنبي صلى اللّه عليه وسلم: إنى أعمل العمل للّه، فإذا اطلع عليه سرني، فقال: «إن اللّه لا يقبل ما شورك فيه» وروى أنه قال: «لك أجران: أجر السر، وأجر العلانية» وذلك إذا قصد أن يقتدى به. وعنه صلى اللّه عليه وسلم: «اتقوا الشرك الأصغر» قالوا: وما الشرك الأصغر؟ قال: «الرياء» وعن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. «من قرأ سورة الكهف من آخرها كانت له نورا من قرنه إلى قدمه، ومن قرأها كلها كانت له نورا من الأرض إلى السماء» وعنه صلى اللّه عليه وسلم: «من قرأ عند مضجعه {قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} كان له من مضجعه نورا يتلألأ إلى مكة، حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتى يقوم، وإن كان مضجعه بمكة كان له نورا يتلألأ من مضجعه إلى البيت المعمور حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتى يستيقظ» واللّه أعلم. اهـ.

.قال النسفي:

{أَمَّا السفينة فَكَانَتْ لمساكين يَعْمَلُونَ في البحر}.
قيل: كانت لعشرة أخوة خمسة منهم زمنى وخمسة يعلمون في البحر {فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا} أجعلها ذات عيب {وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ} أمامهم أو خلفهم وكان طريقهم في رجوعهم عليه وما كان عندهم خبره فأعلم الله به الخضر وهو جلندي {يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} أي يأخذ كل سفينة صالحة لا عيب فيها غصبًا وإن كانت معيبة تركها، وهو مصدر أو مفعول له.
فإن قلت: قوله: {فأردت أن أعيبها} مسبب عن خوف الغصب عليها فكان حقه أن يتأخر عن السبب.
قلت: المراد به التأخير وإنما قدم للعناية.
{وَأَمَّا الغلام} وكان اسمه الحسين {فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طغيانا وَكُفْرًا} فخفنا أن يغشى الوالدين المؤمنين طغيانًا عليهما وكفرا لنعمتهما بعقوقه وسوء صنيعه ويلحق بهما شرًا وبلاء، أو يعديهما بدائه ويضلهما بضلاله فيرتدا بسببه وهو من كلام الخضر.
وإنما خشي الخضر منه ذلك لأنه تعالى أعلمه بحاله وأطلعه على سر أمره وإن كان من قول الله تعالى، فمعنى {فخشينا} فعلمنا إن عاش أن يصير سببًا لكفر والديه {فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا} {يبَدِّلهما ربهما} مدني وأبو عمرو {خَيْرًا مّنْهُ زكواة} طهارة ونقاء من الذنوب {وَأَقْرَبَ رُحْمًا} رحمة وعطفا، و{زكاة} و{رحما} تمييز.
روي أنه ولدت لهما جارية تزوجها نبي فولدت نبيًا أو سبعين نبيًا أو أبدلهما ابنًا مؤمنًا مثلهما شامي وهما لغتان {وَأَمَّا الجدار فَكَانَ لغلامين} أصرم وصريم {يَتِيمَيْنِ في المدينة} هي القرية المذكورة {وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا} أي لوح من ذهب مكتوب فيه: عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن، وعجبت لمن يؤمن بالرزق كيف يتعب، وعجبت لمن يؤمن بالموت كيف يفرح، وعجبت لمن يؤمن بالحساب كيف يغفل، وعجبت لمن يعرف الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها، لا إله إلا الله محمد رسول الله.
أو مال مدفون من ذهب وفضة أو صحف فيها علم والأول أظهر.
وعن قتادة: أحل الكنز لمن قبلنا وحرم علينا، وحرمت الغنيمة عليها وأحلت لنا.
{وَكَانَ أَبُوهُمَا} قيل: جدهما السابع {صالحا} ممن يصحبني.
وعن الحسين بن علي رضي الله عنهما أنه قال لبعض الخوارج في كلام جرى بينهما: بم حفظ الله الغلامين؟ قال: بصلاح أبيهما.
قال: فأبي وجدي خير منه {فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا} أي الحلم {وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً} مفعول له أو مصدر منصوب بـ: {أراد ربك} لأنه في معنى رحمهما {مّن رَّبّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ} وما فعلت ما رأيت {عَنْ أَمْرِى} عن اجتهادي وإنما فعلته بأمر الله والهاء تعود إلى الكل أو إلى الجدار {ذلك} أي الأجوبة الثلاثة {تَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا} حذف التاء تخفيفًا.
وقد زل أقدام أقوام من الضلال في تفضيل الولي على النبي وهو كفر جلي حيث قالوا: أمر موسى بالتعلم من الخضر وهو وليّ.
والجواب أن الخضر نبي وإن لم يكن كما زعم البعض، فهذا ابتلاء في حق موسى عليه السلام على أن أهل الكتاب يقولون: إن موسى هذا ليس موسى بن عمران إنما هو موسى بن مانان، ومن المحال أن يكون الوليّ وليًّا إلا بإيمانه بالنبي ثم يكون النبي دون الوليّ، ولا غضاضة في طلب موسى العلم لأن الزيادة في العلم مطلوبة.
وإنما ذكر أولًا {فأردت} لأنه إفساد في الظاهر وهو فعله، وثالثًا {فأراد ربك} لأنه إنعام محض وغير مقدور البشر، وثانيًا {فأردنا} لأنه إفساد من حيث الفعل إنعام من حيث التبديل.
وقال الزجاج: معنى فأردنا فأراد الله عز وجل ومثله في القرآن كثير.
{وَيَسْئَلُونَكَ} أي اليهود على جهة الإمتحان، أو أبو جهل وأشياعه {عَن ذِى القرنين} هو الإسكندر الذي ملك الدنيا.
قيل: ملكها مؤمنان: ذو القرنين وسليمان، وكافران: نمرود وبختنصر وكان بعد نمرود.
وقيل: كان عبدًا صالحًا ملّكه الله الأرض وأعطاه العلم والحكمة وسخر له النور والظلمة، فإذا سرى يهديه النور من أمامه وتحوطه الظلمة من ورائه.
وقيل: نبيًا.
وقيل: ملكًا من الملائكة.
وعن عليّ رضي الله عنه أنه قال: ليس بملك ولا نبي ولكن كان عبدًا صالحًا ضرب على قرنه الأيمن في طاعة الله فمات ثم بعثه الله، فضرب على قرنه الأيسر فمات فبعثه الله فسمي ذا القرنين وفيكم مثله أراد نفسه.
قيل: كان يدعوهم إلى التوحيد فيقتلونه فيحييه الله تعالى.
وقال عليه السلام: «سمي ذا القرنين لأنه طاف قرني الدنيا» يعني جانبيها شرقها وغربها.
وقيل: كان له قرنان أي ضفيرتان، أو انقرض في وقته قرنان من الناس، أو لأنه ملك الروم وفارس أو الترك والروم، أو كان لتاجه قرنان أو على رأسه ما يشبه القرنين، أو كان كريم الطرفين أبا وأما وكان من الروم {قُلْ سَأَتْلُواْ عَلَيْكُم مّنْهُ} من ذي القرنين {ذِكْرًا}.
{إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ في الأرض} جعلنا له فيها مكانة واعتلاء {وَءَاتَيِنَاه مِن كُلّ شَىْء} أراده من أغراضه ومقاصده في ملكه {سَبَبًا} طريقًا موصلًا إليه {فَأَتْبَعَ سَبَبًا} والسبب ما يتوصل به إلى المقصود من علم أو قدرة فأراد بلوغ المغرب فأتبع سببًا.
يوصله إليه حتى بلغ، وكذلك أراد المشرق فأتبع سببًا، وأراد بلوغ السدين فأتبع سببًا.
{فأتبع سببًا} {ثم أتبع} كوفي وشامي الباقون: بوصل الألف وتشديد التاء.
عن الأصمعي: أتبع لحق واتبع اقتفى وإن لم يلحق {حتى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشمس} أي منتهى العمارة نحو المغرب وكذا المطلع قال صلى الله عليه وسلم: «بدء أمره أنه وجد في الكتب أن أحد أولاد سام يشرب من عين الحياة فيخلد فجعل يسير في طلبها والخضر وزيره وابن خالته فظفر فشرب ولم يظفر ذو القرنين» {وَجَدَهَا تَغْرُبُ في عَيْنٍ حَمِئَةٍ} ذات حمأة من حمئت البئر إذا صارت فيها الحمأة.
{حامية} شامي وكوفي غير حفص بمعنى حارة.
عن أبي ذر: كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم على جمل فرأى الشمس حين غابت فقال: «أتدري يا أبا ذر أين تغرب هذه؟» قلت الله ورسوله أعلم قال: «فإنها تغرب في عين حامية.» وكان ابن عباس رضي الله عنهما عند معاوية فقرأ معاوية {حامية} فقال: ابن عباس: حمئة فقال معاوية لعبد الله بن عمرو: كيف تقرؤها؟ فقال: كما يقرأ أمير المؤمنين. ثم وجه إلى كعب الأحبار كيف تجد الشمس تغرب؟ قال: في ماء وطين كذلك نجده في التوراة فوافق قول ابن عباس رضي الله عنهما، ولا تنافي فجاز أن تكون العين جامعة للوصفين جميعًا {وَوَجَدَ عِندَهَا} عند تلك العين {قَوْمًا} عراة من الثياب لباسهم جلود الصيد وطعامهم ما لفظ البحر وكانوا كفارًا {قُلْنَا ياذا القرنين إِمَّا أَن تُعَذّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا} إن كان نبيًا فقد أوحى الله إليه بهذا وإلا فقد أوحي إلى نبي فأمره النبي به، أو كان إلهامًا خير بين أن يعذبهم بالقتل إن أصروا على أمرهم وبين أن يتخذ فيهم حسنًا بإكرامهم وتعليم الشرائع إن آمنوا، أو التعذيب القتل وإتخاذ الحسن الأسر لأنه بالنظر إلى القتل إحسان.